أحكام الديار في الإسلام 2- دور الإسلام والكفر
مقدمة
بعد الإطلاع على الاجتهادات المتباينة والمدارس الفقهية بمآخذها وتوجهاتها المتنوعة، وبالرجوع أيضًا إلى ما هو معلوم للجميع من أحكام الديار في كتب السير على مذاهب الفقه الأربعة وغيرها، وارتباط هذه الاجتهادات والتوجهات بالواقع القريب العهد بواقعنا والمشابه له إلى حد ما في الهند وعدن والجزيرة العربية، ووقائع التتار ودخول بلاد المسلمين تحت حكم الإنجليز والروس في أواسط آسيا وما ارتبط بذلك من فتاوى وأحكام، نجد أن أنسب الاجتهادات لواقعنا المعاصر مناطات ومآلات شرعية مُقَيِّدة تتحقق فيها الدقة العلمية الشرعية والتزام الصراط المستقيم بلا إفراط أو تفريط، وأحسن ما يتبع لجمع الكلمة وإحياء الأمة عملاً بقول الله : ( واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم ) وهو ما يلي:
لقضايا الأحكام بالنسبة للواقع المعاصر مأخذها الفقهي الخاص بها مع مأخذ العقيدة، وهذا المأخذ الفقهي راجع إلى أحكام الديار فالدور:
1 - إما دار إسلام 2 - وإما دار كفر، 3 - دار مركبة
1- دار الإسلام :
وتنقسم الى :
أ -( دور سنة وعدل ) ب-( دور جور وبغى )
اولا : دارسنة وعدل :
• دورسنة وعدل وهي داخل نطاق الإسلام وداخل نطاق الشرعية بالاجتماع على الكتاب والسنة وهي ثلاث دورولها صفة الشرعية : -
1 - دار السنة المحضة2 – دار سنة أهل الإتباع 3 – دار السنة العامة
ثانيا : دار جور وبغي :
• دور داخل نطاق الإسلام وخارج نطاق الشرعية وهي منتسبة للإسلام وهي ثلاث دور وليس لها صفة الشرعية لكونها دور بغى وجور : -
1 – دار الفسق 2 – دار البدعة 3 – دار الفرقة
2- دار الكفر
وتنقسم إلى
أ - (دور كفر أصلي ) ب – ( دور الردة)
اولا : دار الكفر الأصلي :
وهي مثل اليهود والنصارى والوثنيات والإلحاد، وهذه الدور
1 - حكم اللقيط والمجنون والصغير فيها حكمه الكفر
2 – الكافر فيها يقر على كفره إما بجزية أو غيرها
ثانيا : ودور الردة :
تنقسم إلى:
(1)ردة عن أصل الدين :
وهى الردة إلى اليهودية، أو النصرانية، أو الوثنيات أو الإلحاد، وهذه تأخذ أحكام الردة لمدة ثلاثة أجيال ثم تتحول إلى حكم الكفر الأصلي. فإذا استقرت الردة فيها فيمكن أن يُقروا على كفرهم بجزية أو بعهد مثل الكفار الأصليين.
(2)ردة إلى بدعة مكفرة:
مثل البهائية، أو الدرزية، أو النصيرية، وهذه يبقى لها وصف الردة طالما يدَّعون الإسلام وتبقى واجبة الاسترداد، ولا تأخذ حكم الكفر الأصلي، ولكن لما كانت طائفة مُمَكّنة من توريث أبنائها ما هى عليه كان صغيرها ولقيطها ومجنونها كافرًا مثل دار الكفر الأصلي، أو دار الردة عن أصل الدين، وأما إذا انتسبوا إلى غير الإسلام ولم يدعوه أخذوا حكم الكفر الأصلي بعد ثلاثة أجيال من الردة مثل الردة عن أصل الدين.
(3)ردة عن الشرائع:
وهي ردة عن شرائع الإسلام مثل مانعي الزكاة
والمرتد عموما لا يقر على ردته إما التوبة والاستتابة أو القتل " من بدل دينه فاقتلوه " أما عن حرية الرأى كما يقول العلمانيون – لا إكراه في الدين والدين علاقة بين العبد وربه وليس من حقك أن تكفر أحد وحكم الردة ليس من الدين فهذا دورالعلمانيين وهذا قولهم وهذه هي المناطق الساخنة الذين يتلاعبون فيها بالدين .
3- الدار المركبة :
وهذه الدار في حالة الالتباس التي تحياها الأمة الآن وعظم البلوى ووجود ظواهر الردة والكفر والشرك لها صفة دار الكفر، وصفة دار الردة عن الشرائع ، وصفة دار الجاهلية ، وحكم دار الإسلام، ولذلك فهى الدار المركبة.
اولا : صفة دار الكفر :
ترجع إلى :
• سبب الوصف هو لغلبة أو لعلو أحكام الكفر على الديار ويترتب عليها بمعنى مقتضيات هذه الصفة مايلى : -
• ـ إسقاط شرعية الأنظمة والأوضاع العلمانية .
• ـ نزع الولاء عنها ومن الراية التي ترفعها .
• ـ إقامة شرعية بديلة لجماعات العلماء وإعطائها الشرعية .
• ـ إعطاؤها شرعية قتال بضوابط قتال الممتنعين عن الشرائع وفي حدوده.
• ـ وجوب الاستبراء للدين والعرض في هذه المجتمعات.
ثانيا : صفة دار الردة :
وللدار صفة دار الردة وهذه الصفة ترجع لأسباب:
1 ـ الإسلام سابق والردة طارئة.
2 ـ الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه.
3 ـ بقاء التبعية الإسلامية بالرغم من وجود ظواهر الشرك والردة.
4 ـ ادعاء الإسلام أي الإنتساب للإسلام وعدم الانتساب لدين آخر .
• ويترتب على هذه الصفة أو مقتضيات هذه الصفة :
• بقاء الدار واجبة الاسترداد هذا بمعني وطن إسلامي سليب يجب استرداده وهذا فرض عين على كل مسلم ومسلمة ولا تأخذ حكم الكفر الأصلي لأن المرتد لا يقر على ردته والكافر يقر على كفره .
ثالثا : صفة الجاهلية :
• وللدار صفة الجاهلية وهذه الصفة ترجع إلى أسباب:
1 «غلبة قيم الجاهلية» 2 «حكم الجاهلية» 3 «ظنّ الجاهلية»،
4 «تبرج الجاهلية» 5 «حمية الجاهلية » 6 «دعاوى الجاهلية».
7 « استشراء الشرك» تفشى ظواهر الشرك من حكم ونسك وولاء
8 « انقطاع الوجود الشرعي » نظام الحكم الإسلامي غير موجود وأساسيات انقطعت نهائيا ً ولابد من بناءها
• ويترتب على هذا الوصف أي مقتضيات هذا الوصف استقرار قَسْم الجاهلية بعد ظهور الإسلام.ونفس مقتضيات وصف الكفر .
رابعا :صفة حكم دار الإسلام :
فتأخذ حكم دار الإسلام
وهذا الحكم يرجع إلى بقاء التبعية،
وبقاء التبعية ترجع إلى الأسباب التالية:
أولاً: لا يثبت الكفر بالاسم الظاهر أو الشارة الظاهرة بحيث يغني الاسم عن المسمي، بل لابد للحكم به من الاطلاع على البواطن والوقوف على المقاصد للمعين «فمن كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع» ولا يعرف هذا من ذاك بالاسم الظاهر، بل لابد فيه من الوقوف على المقاصد والمواقف.
ثانيًا: الذين دخلوا في ظواهر الكفر والشرك والردة غير ممكنين من توريث أبنائهم ما هم عليه.
ثالثًا: أمر التابع غير أمر المتبوع.
رابعا: لا يوجد تميز فسطاطات ولا تميز انتساب واضح بين فسطاط الإيمان وفسطاط الكفر، وأمر الناس ملتبس مختلط، فهم أخلاط شتى غير متميزة عن بعضها وغير متباينة.
وهذه الصفة أو هذا الحكم يترتب عليه أي المقتضيات المترتبة على هذا الوصف هي :-
• استصحاب أصل الإسلام لكل من : -
أ - الصغير بتبعية والديه أو أفضلهما دينًا،
ب - اللقيط والمجنون بتبعية الدار.
• واستصحاب حكم الإسلام للصغير واللقيط والمجنون ومجهول الحال هذا لا ينفى:
1ـ إثبات ووجود ظواهر الشرك والكفر وتفشيها فعدم القدرة على التعيين لا ينفى ثبوت الظاهرة كما أن ثبوت الظاهرة لا يتحتم معه التعيين في حق كل أحد.
2 ـ ولا ينفى أن الناس أخلاط شتى.
3 ـ ولا ينفى وجوب الاستبراء للدين والعرض في مثل هذه الحالة.
4 ـ ولا ينفى أحكام المعين عند استكمال شروطها ودواعيها.
• هذا كله في وضع الالتباس، أما وضع الاندراس ـ لا قدر الله حدوثه ـ
• فكيف تتغير التبعية الإسلامية :
1- عندما يثبت الكفر في المجتمعات العلمانية لمجرد الانتساب الظاهربحيث يغني الاسم عن المسمى
2- ويكون أمر التابع كأمر المتبوع،
3- ويصبح الناس ممكنين من توريث أبنائهم ما هم عليه من الكفر والردة،
4- ويتميز الإيمان والكفر تميز فسطاطات أو تميز انتساب.
• وهذا لم يحدث حتى الآن ونرجو أن لا يحدث. ويعود الإسلام إلى دياره ظاهرًا ظافرًا.
• كل ما سبق يتعلق بأحكام الديار .