الجزاء يوم القيامة قائم على أساس الإسلام الحقيقي، لا الإسلام الحكمي.
لا يلزم من الحكم على شخص معين بأنه مسلم أن يكون يوم القيامة من أهل الجنة؛ لاحتمال وجود النفاق الذي لا نعلمه ويعلمه الله تعالى.
وإذا كانت الأحكام في الدنيا تقوم على أساس الظاهر فإن الأحكام يوم القيامة وكذلك الجزاء يكون على أساس الباطن والظاهر، والمرء لا ينجو من العذاب إلا إذا تحقق له إسلام الباطن والظاهر معاً.
لذا فإن من عقيدة أهل السنة والجماعة أن لا نشهد لمعين بأنه من أهل الجنة والنجاة إلا من دلت النصوص الشرعية على أنه من أهل الجنة أو النجاة، كما جاء الخبر عن العشرة المبشرين بالجنة وغيرهم من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
فإن قيل: هل يُقال في الكافر ما قيل في المسلم ..؟
أقول: يختلف الكافر عن المسلم بأنه إن مات على كفره فإنه يُشهد له بالنار، كما قال النبي -صلى الله عليه و سلم - للأعرابي الذي سأله عن أبيه:" حيثما مررت بقبر كافر فبشره النار " قال الأعرابي: لقد كلفني رسول الله -صلى الله عليه و سلم - تعباً؛ ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار.
فإن قيل: كيف بهذا المبشَّر بالنار إن كان في علم الله تعالى أنه مسلم ومن أهل الجنة ..؟!
أقول: ما دام فعل التكفير صادر عن اجتهاد صحيح وطاعة للشارع فيما أمر ليس على صاحبه شيء وإن أخطأ في الحكم، فخطأه مغفور له، ومن جهة فهو لا يُقدم ولا يؤخر لأن الحكم يومئذٍ لله العلي القدير؛ فمن كان في علم الله تعالى أنه من المؤمنين ومن أهل الجنة، لا يضره ما يقول الناس فيه، ولو اجتمع أهل الأرض قاطبة وحكموا عليه بالكفر، وأنه من أهل النار .. لما منع ذلك من أن يكون من أهل الجنة والرضوان.