(22) مُـــحَـــمَّـــــــدُ بْـــنُ سِـــيْـــــرِيْــــــــــنَ
هُـــــــوَ: مُحَمَّدُ بْنُ سِيْرِيْنَ، أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ البَصْرِيُّ. الإِمَامُ الكَبِيرُ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَعْلاَمِ، والفُقَهَاءِ الأَفْهَامِ، وإِمَامُ وَقْتِـهِ فِي عُلُومِ الدِّينِ بِالبَصْرَةِ مَعَ الحَسَنِ البَصْرَيِّ.
أَدْرَكَ ثَلاَثِيْنَ صَحَابِيّاً وأَخَذَ عَنْهُم العِلْمَ؛ وكَانَ يَأْتِي بِالحَدِيْثِ عَلَى حُرُوْفِهِ؛ لاَ يُحَدِّثُ بِالْمَعنَى؛ وكَانَ يَصُوْمُ يَوْماً، ويُفْطِرُ يَوْماً.
مَـوْلِـــــدُهُ: وُلِـدَ ابْنُ سِيْرِيْنَ بِالبَصْرَةِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وثَلاَثِينَ (33 هــ).
وكَانَ فَقِيْهاً، عَالِماً، وَرِعاً، أَدِيْباً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، شَهِدَ لَهُ أَهْلُ العِلْمِ والفَضْلِ بِذَلِكَ، وهُوَ حُجَّةٌ؛ مُتَّفَقٌ عَلَى إِمَامَتِهِ وجَلاَلَتِهِ.
أَخَـــذ العِـلْـمَ عَـــنْ: الحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ وأَبِي هُرَيْرَةَ وعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وعَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ وعَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ وأَنَسَ بنَ مَالِكٍ وأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وحُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ وعِمْرَانَ بنَ حُصَيْنٍ وعَدِيَّ بنَ حَاتِمٍ وأَبِي الدَّرْدَاءِ الأَنْصَارِيِّ ومُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وأَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ وأَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ وجُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ ورَافِعِ بْنِ خَدِيْجِ الأَنْصَارِيِّ وسَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ وكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الأَنْصَارِيِّ وسَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ، وأُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وأُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّة.
وَرَعُـــــــهُ:
- كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ يَشْتَغِلُ بِالتِّجَارَةِ، فَكَانَ إِذَا شَكَّ فِي شَيْءٍ في البَيْعِ والشِّرَاءِ، تَرَكَـهُ، مَخَافَةَ الوُقُوعِ فِي الحَرَامِ!
- وكَانَ لَا يَأكُلُ عِنْدَ أَحَدٍ؛ فَكَانَ إِذَا دُعِيَ إِلَى وَلِيمَةٍ، أَجَابَ ولَمْ يَطْعَم مِنهَا شَيْئاً!
ثَـنَــاءُ الأَئِـمَّــةِ عَـلَـيْــهِ:
- قَالَ الشَّعْبِيُّ لِطَلَبَةِ العِلْمِ مِنْ التَّابِعِينَ: عَلَيْكُم بِابْنَ سِيْرِيْن.
- وقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنِ عَوْن: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ.
- وقَالَ عُثْمَانَ البَتِّيِّ: لَمْ يَكُنْ بِالبَصْرَةِ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِالقَضَاءِ مِنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ.
- وقَالَ بَكْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيُّ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَوْرَعِ مَنْ أَدْرَكْنَا، فَلْيَنْظُرْ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْن.
- وقَالَ مُوَرِّقٌ العِجْلِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفْقَهَ فِي وَرَعِهِ، وَلاَ أَوْرَعَ فِي فَقْهِهِ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ.
- وقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَمْ يَكُنْ كُوْفِيٌّ وَلاَ بَصْرِيٌّ لَهُ مِثْلُ وَرَعِ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ.
- وقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: محمد بن سيرين مِنَ الثِّقَاتِ.
- وقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِيْنٍ، والعِجْلِيُّ: ثِـقَــةٌ.
- وقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، مَأْمُوْنًا، عَالِيًا، رَفِيْعًا، فَقِيْهًا، إِمَامًا، كَثِيْرَ العِلْمِ، وَرِعًا.
- وقَالَ الذَّهَبِيُّ: ثِقَةٌ، حُجَّةٌ ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ، كَبِيْرُ العِلْمِ.
- وقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، كَبِيْرُ القَدْرِ.
مِـن أَقْوَالِــــهِ:
- قَالَ مُحَمَّد بْنُ سِيْرِيْن: إِنَّ هَذَا العِلْمَ دَيْنٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُوْنَ دَيْنَكُم.
- وقَالَ ذَهَب العِلْمُ وَبَقِيَتْ مِنْهُ شَذَرَاتٌ فِي أَوْعِيَةٍ شَتَّى.
- وقَالَ: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا جَعَلَ لَهُ وَاعِظًا مِنْ قَلْبِهِ يَأْمُرُهُ وَيَنْهَاهُ.
- وقَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيْسَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ سُلْطَانٌ؛ وَلَكِنْ مَنْ أَطَاعَهُ أَهْلَكَهُ.
- وكَانَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ فِي التِّجَارَةِ: اتَّقِ اللَّهَ وَاطْلُبْ مَا قُدِّرَ لَكَ مِنَ الْحَلَالِ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَطْلُبْهُ مِنْ ذَلِكَ لَمْ تُصِبْ أَكْثَرَ مِمَّا قُدِّرَ لَكَ.
-- يُنْسَبُ إِلَيْهِ كِتَابٌ فِي تَفْسِيرِ الأَحْلاَمِ يُسَمَّى بِــــ (مُنْتَخَبُ الكَلاَمِ فِي تَفْسِيرِ الأَحْلاَمِ)؛ ولاَ تَصِحُّ نِسْبَتُـهُ لَـهُ؛ كَذَا أَكَّدَهُ العُلَمَاءِ.
وَصِــيَّـــتُـــــهُ: قَالَ فِي وَصِيَّتِـهِ: "ذِكْرُ مَا أَوْصَى بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سِيْرِيْن بَنِيهِ وَأَهْلَهُ: أَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ، وَيُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِم، وَأَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ؛ وَأَوْصَاهُم بِمَا أَوْصَى بِهِ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ: «يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ»". (البَقَرَة: 132).
وَفَـاتُـــــهُ: مَاتَ ابْنُ سِيْرِيْن بِالبَصْرَةِ، يَوْمَ الجُمُعَةِ، فِي شَهْرِ شَوَّالٍ، سَنَةَ عَشْرٍ ومِائَـةٍ (110 هــ)، وَقَبْرُهُ بِإِزَاءِ قَبْرِ الحَسَنِ البَصْرَيِّ؛ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى.