كيفية القراءة:
مما نعلمه جميعاً أن المكتبة الإسلامية ضخمة جداً تتجاوز مئات الآلاف من الكتب، كما أن في اليوم الواحد تُطبع عشرات إن لم يكن مئات من الكتب .. وفي المقابل فإن عمر الإنسان محدود .. فأعمار أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ـ في الغالب ـ هي بين الستين والسبعين .. كما ورد ذلك في الحديث .. نصف هذا العمر إن لم يكن أكثر يذهب بين النوم، والطعام، والأعمال اليومية التي لا بد للإنسان منها ..!
والسؤال: كيف هذا الطالب بهذا العمر المحدود الضيق يستطيع أن يقف على أكبر قدر ممكن من هذه المطبوعات والمؤلفات .. لتحقيق أكبر قدر من الفائدة ؟!
كيف يستطيع أن يواكب الطالب كثيراً مما يُطبع من المؤلفات .. وليس كل ما يُطبع ..؟!
وللجواب على هذا السؤال أفيد بما يلي:
أولاً: هذه المؤلفات والمطبوعات المنتشرة متفاوتة الفائدة .. فيجب على الطالب أن تنصرف همته لأكثرها فائدة بالنسبة له، ولأبحاثه .. فإن عجز عن اختيار الأهم والأفضل .. لا بأس عليه بأن يستعين بمن هم أكثر منه خبرة في هذا المجال .. ليستدل على الكتاب الأكثر نفعاً وأهمية .. فهو بهذه الخطوة يميز بين كثير مما ينبغي أن يُقرأ وبين مالا ينبغي أن يُقرأ ..!
ثانياً: عند القراءة فإن القراءة ـ من حيث الكيفية ـ تنقسم إلى أقسام:
1- قراءة بالفم، والعين، والذهن معاً: وهذه قراءة بطيئة .. غالباً تكون عندما الطالب يقرأ القرآن الكريم بتدبر وتمعنٍ .. وهذا هو الواجب.
وكذلك عندما يقرأ الطالب نصاً أو متناً على شيخه ليسمع منه الشرح والتفصيل .. ونحو ذلك من القراءات.
2- قراءة بالعين والذهن: وهذه قراءة أسرع ..!
3- قراءة بالذهن مع استخدام يسير للعين: وصفتها أن يقرأ الطالب أسطراً من أول المقال، وأسطراً من وسطه، وأسطراً من نهايته .. فيفهم المراد .. وهذه أسرع القراءات.
وكلما توسعت ثقافته ومداركه .. في المادة المقروءة كلما قلت عدد الأسطر أو الصفحات التي يقرأها من المقال أو البحث .. وكلما قلت ثقافته ومداركه في المادة المقروءة كلما وجب عليه أن يزيد من نسبة قراءة الأسطر أو الصفحات لكي يتعرف على مادة وهدف البحث أو المقال .. وربما يجد نفسه أحياناً مضطراً لقراءة البحث كلمة كلمة .. ليفهم المراد جيداً .. وهذا كله يعود لسعة إطلاع طالب العلم في المادة المقروءة!
وهذا أمر مجرب يدركه القراء المحترفون .. بل لا أخفي إخواني طلاب العلم ـ وأذكر ذلك لهم من قبيل الترغيب وشحذ الهمم ـ لشدة قراءتي في مواضيع معينة .. أكاد أفهم ـ بفضل الله تعالى ومنته ـ مصنفاً كاملاً كتب في هذه المواضيع .. وماذا يُريد صاحبه .. وما هو الراجح عنده .. في ساعة واحدة ..!
بل أحياناً وأنا أقرأ كلاماً .. أقول هذا كلام فلان .. أو كلام الحزب أو الجماعة الفلانية .. قبل أن أعرف كاتبه أو الجهة التي كتبته .. لكثرة قراءتي لهـذه
الجماعة أو تلك .. أو لهذا الشخص أو ذاك!
ولو وُضعت فقرة لشيخ الإسلام .. أو لسيد قطب .. في مقال أو بحث .. ومن دون أن تُنسب إليه .. لاستطعت ـ بفضل الله تعالى ومنته ـ أن أحددها وأخرجها .. من مجموع كلام الباحث .. وهذا الحس يتحصل من خلال كثرة القراءة لهذا العالم أو ذاك .. وهو لا يحتاج إلى مزيد عناء أو مهارات .. فلا غرابة من ذلك إن شاء الله.
المرجع : مذكرة في طلب االعلم .
الشيخ : عبدالمنعم مصطفى حليمة .