السؤال:
من ضمن عادات تجهيز العروس في بلادنا، شراء الذهب؛ لذلك اشترت لي أمي ذهبا بالتقسيط، علما أن صاحب المحل يبيع كل قطعة بفاتورتها كما اشتراها. كيف أتحلل من هذا الذهب، علما أنني لا أستطيع رده إلى أمي، ولا أدري إن كان صاحب المحل سيقبل بأن يسترد كل ما ابتاعته أمي منه لكثرة قطعه. أرجو منكم أن تفصلوا إجابتكم أثابكم الله وجزاكم عنا خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على الحلال، وتخوفك من الحرام. وما فعلته أمك من شراء الذهب بالورق النقدي بالتقسيط، فيه تفصيل سبق بيانه في فتاوى عدة وهو: أن الذهب غير المصنوع لا يجوز بيعه بالنقد مؤجلا؛ لحديث: الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تبيعوا غائبا بناجز. متفق عليه. والأوراق النقدية تأخذ حكم الذهب بجامع الثمنية.
وأما بيع الحلي – الذهب المصنوع – بالورق النقدي نسيئة. -والظاهر أنه هو المسؤول عنه هنا - فجمهور العلماء على منعه أيضا.
وذهب آخرون إلى جواز ذلك؛ لأن الصناعة تُخرج الذهب عن النقدية، وتصيره سلعة، فيجوز بيعها وشراؤها بالعاجل والآجل كسائر السلع.
يقول ابن القيم: الحلية المباحة صارت بالصنعة المباحة من جنس الثياب والسلع لا من جنس الأثمان؛ ولهذا لم تجب فيها الزكاة، فلا يجري الربا بينها وبين الأثمان كما لا يجري بين الأثمان وفي سائر السلع. اهـ.
وما قاله ابن القيم هو ما ذهب إليه شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى- وهو منسوب إلى معاوية والحسن وإبراهيم والشعبي واختيار جماعة من الحنابلة.
جاء في الاختيارات لابن تيمية: ويجوز بيع المصوغ من الذهب والفضة بجنسه من غير اشتراط التماثل، ويجعل الزائد في مقابلة الصنعة، سواء كان البيع حالا أو مؤجلا ما لم يقصد كونها ثمنا. انتهى.
وبناء عليه، فإن كان الذهب الذي اشترته أمك بالتقسيط ذهبا مصنوعا، فالجمهور على بطلان العقد وحرمته، والقول الثاني على جوازه ومضيه، ولا مانع من الأخذ بهذا القول لتعذر رد الذهب -كما ذكرت- لكن بيني لها ذلك؛ لئلا تعود إلى مثله لما علمت من الخلاف؛ ولأن تركه هو الأحوط. وعلى هذا فلا حرج عليك في الانتفاع به.
و الله أعلم.
موقع إسلام ويب: