قال الشيخ المبارك/عبدالكريم الخضير وفقه الله تعالى في محاضرة له بعنوان :(المنهجية في قراءة الكتب وجرد المطولات ).
كيف تقرأ القرآن ؟ وكيف تفهم القرآن ؟
يعني لابد من أن نبدأ بأصل الأصول.
القرآن محفوظ بين الدفتين فلذلك لا تتعب في مسألة ثبوته كالسنة ، ولا في جمع طرقه ، ولا في غير ذلك ، فتقرأ القرآن على الوجه المأمور به ، وهذا يكون بعد الحفظ إن تيسر ، لأن الحفظ ما يتيسر لكل الناس مع أن الله جل وعلا قد يسر القرآن ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) القرآن ميسر ولله الحمد ، فيكون هذا بعد الحفظ ، تأخذ المصحف ، وتقرأ القرآن على الطريقة المأمور بها بالتدبر والترتيل ، وأنت تنظر في كلماته ، ما يشكل عليك من كلماته تدونه في كراس ، وهذا يسميه أهل العلم غريب القرآن ، ومن أفضل ما كتب في غريب القرآن :
كتاب صغير إسمه : نزهة القلوب لابن عزيز السجستاني كتاب مختصر في غريب القرآن أثنى عليه أهل العلم كثيراً من المتقدمين والمتأخرين ويكون بيد طالب العلم المبتدي بعض التفاسير الموثوقة المختصرة جداً ، لأن كثرة التفاريق تذهب على الطالب الوقت فلا يستوعب ، ومن أنفع ما يرجع إليه طالب العلم المبتدي في فهم ألفاظ القرآن ، لأن الألفاظ لا بد أن تفهم ، والمعاني أيضاً لا بد أن تفهم.
في فهم القرآن يكون بيد طالب العلم توفيق الرحمن لدروس القرآن للشيخ: فيصل المبارك هذا على اختصاره هو سهل جداً ، مختصر من ابن جرير والبغوي وابن كثير ، وهو على منهج السلف فجعل القرآن على ثلاثمئة وخمسين درس بقدر أيام السنة ، وأيضاً يستفاد في فهم معاني القرآن من تفسير الشيخ السعدي ــ رحم الله الجميع ــ ، فهذه التفاسير المختصرة تجعل طالب العلم لا يتشتت ، فيرجع في غريب القرآن إلى السجستاني ، ويرجع في التفسير إلى تفسير الشيخ فيصل بن مبارك ، ويرجع أيضاً إلى تفسير ابن سعدي في هذه المرحلة
ومع ذلك يفيد من علوم القرآن : كتب علوم القرآن التي ألفت على طريقة المتون تفيد طالب العلم بمرحلته الأولى منها رسالة للسيوطي جيدة في هذا الباب ، وكذلك منظومة الزمزمي تضاف إلى الرسالة السابقة ، والرسالة المقصودة مستلة من كتاب للسيوطي إسمه النقاية وهذه الكتب موجودة ومتداولة ومشروحة ، والشروح مسجلة ومطبوعة فيفاد منها ، ومع ذلك يحتاج إلى فهم المشكل من معاني القرآن ، ولابن قتيبة كتاب إسمه المشكل من تأويل القرآن ، لكن عندي أن كتاب مشكل القرآن يؤجل إلى المرحلة الثانية ويكفي أن نفهم ونعنى بألفاظ القرآن بحيث لايشكل علينا لفظ ، وأما المشكل والاستنباط من القرآن واستخراج درر وعجائب القرآن فهذه مرحلة لاحقة ، فإذا أكمل القرآن على هذه الطريقة فحفظ القرآن ونظر في ألفاظه ورجع في ما يشكل عليه إلى كتب الغريب ، وهذه التفاسير المختصرة إذا أنهى القرآن على هذه الطريقة لاشك أنه يخرج بفائدة عظيمة وقد يطلب العلم سنين عديدة ثم تسأله عن لفظة غريبة في القرآن فلا يجد جواباً ، لكن إذا عنى به من أول الأمر سهل عليه .
بعد هذا إذا تعدى هذه المرحلة يعنى بتفسير الإمام الحافظ ابن كثير ، ويكون مع ذلك مضى في العلوم الأخرى على ما سيأتي ، تفسير ابن كثير : كثير من الناس يقول قرأت تفسير ابن كثير فلما انتهيت ما عندي شيء ، فنقول إذا كانت الحافظة لا تسعفك فاختصر التفسير لنفسك ، وقد يقول تفسير ابن كثير له مختصرات ؟ نقول: ياأخي لاتعتمد ولا تعول على المختصرات إذ إن العلم يثبت بالمعاناة فاختصر تفسير ابن كثير لأن عندك الآن شيء من الأهلية ، عند أرضية كما يقولون ، فإذا اختصرت تفسير ابن كثير وعرضته على من تثق بعلمه وسدد لك هذا المختصر بعد الرجوع إلى أصله ، لاشك أنك إذا انتهيت عندك رصيد كثير مما ذكره الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ من الأحاديث والآثار والتوجيهات من الأقوال والاستنباط والفقه .
فإذا ارتفعت درجة وأردت أن تنظر وتجمع بين التفسير في الأثر الذي عليه المعول والتفسير بالرأي ـ كتب التفسير التي تعنى بالصناعة اللفظية ـ فتجمع بين تفسير البغوي بعد ابن كثير أو الطبري مع تفسير أبو السعود لعنايته بالمباحث البلاغية ، وتفسير أبي حيان لعنايته بالمباحث النحوية والصرفية ، وغيره من التفاسير.
__________________