(10) زَيْـــــــــنُ الـعَــــابِـــــدِيْــــــــــــنَ
هُـــــوَ: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، أَبُو الحَسَن، وَقِيلَ: أبُو الحُسَيْن. السَّيِّدُ، الإِمَامُ، الفَقِيهُ، الزَّاهِدُ، العَابِدُ، السَّخِيُّ، التَّقِيُّ، النَّقِيُّ، الوَرِعُ، زَيْنُ العَابِدِيْنَ الهَاشِمِيُّ، القُرَشِيُّ، العَلَوِيُّ، المَدَنِيُّ.
كَانَ يُسَمَّى: زَيْن العَابِدِيْن؛ لِعِبَادَتِهِ؛ فكَانَ يُصَلِّي فِي كُلِّ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ أَلْفَ رَكْعَة!!!
مَـوْلِـــــدُه: وُلِدَ زَيْنُ العَابِدِينَ فِي خِلاَفَةِ جَدِّهِ (عَلِيّ) سَنَةَ ثَمَانٍ وثَلاَثِينَ (38 هـ)؛ وكَان مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ البَيْتِ وَأَفَاضِل بَنِي هَاشِمٍ وَعُبَّادِ المَدِينَةِ.
أَوْلاَدُهُ: مُحَمَّد أَبُو جَعْفَر الفَقِيه، وسُلَيْمَان، والقَاسِم، وعُمَر، وعَلِيّ، والحَسَن، والحُسَيْن، وحُسَيْن الأَصْغَر، وزَيْد، وعَبْدُ اللَّه، وخَدِيجَة، وفَاطِمَة، ومُلَيْكَة، وعُلَيَّة، وحَسَنَة.
تَــوَاضُعُـــــهُ:
- كَانَ عَلِيُّ بن الحُسَيْنِ يَحْمِلُ الخُبْزَ بِاللَّيْلِ عَلَى ظَهْرِهِ، يَتْبَعُ بِهِ المَسَاكِيْنَ فِي الظُّلْمَةِ!! فلَمَّا مَاتَ، وَجَدُوا بِظَهْرِهِ أَثَراً مِمَّا كَانَ يَنْقُلُ الجُرْبَ بِاللَّيْلِ إِلَى مَنَازِلِ الأَرَامِلِ.
- وكَانَ يَدْخُلُ المَسْجِدَ، فَيَشُقُّ النَّاسَ حَتَّى يَجْلِسَ فِي حَلْقَةِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ. فَقَالَ لَهُ نَافِعُ بنُ جُبَيْرٍ: غَفَرَ اللهُ لَكَ، أَنْتَ سَيِّدُ النَّاسِ، تَأْتِي تَتَخَطَّى حَتَّى تَجْلِسَ مَعَ هَذَا العَبْدِ؟!
فَقَالَ عَلِيُّ: العِلْمُ يُبْتَغَى ويُؤْتَى ويُطْلَبُ مِنْ حَيْثُ كَانَ.
كَـرَمُـــــهُ:
- دَخَلَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ فِي مَرَضِهِ، فَجَعَلَ مُحَمَّدٌ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟
قَالَ: عَلَيَّ دَيْنٌ.
قَالَ: وَكَمْ هُوَ؟
قَالَ: بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.
قَالَ: فَهِيَ عَلَيَّ!!
- ولَمَّا مَاتَ عَلِيٌّ، وَجَدُوْهُ يَعُوْلَ مائَةَ أَهْلِ بَيْتِ!!
هَـيْـبـَتُـــــهُ:
كَانَ لَهُ جَلاَلَةٌ عجِيْبَةٌ، وحُقَّ لَهُ ذَلِكَ، لِشَرَفِهِ وسُؤْدَدِهِ وعِلْمِهِ وكَمَالِ عَقْلِهِ. فَقَد اشْتَهَرَت قَصِيْدَةُ الفَرَزْدَق فِيِهِ: وذَلِك أَنَّ هِشَامَ بنَ عَبْدِ المَلِك حَجَّ قُبَيْلَ وِلاَيَتِهِ الخِلاَفَةَ، فَكَانَ إِذَا أَرَادَ اسْتِلاَمَ الحَجَرِ، زُوْحِمَ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَنَا عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ مِنَ الحَجَرِ، تَفَرَّقُوا عَنْهُ؛ إِجْلاَلاً لَهُ!!!
فَوَجَمَ (سَكَتَ مِن خَوْف) لَهَا هِشَامٌ، وَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَمَا أَعْرِفُهُ؟
فَأَنْشَأَ الفَرَزْدَقُ يَقُوْلُ:
هَذَا الَّذِي تَعْرِفُ البَطْحَاءُ وَطْأَتَهُ.....وَالبَيْتُ يَعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ
هَذَا ابْنُ خَيْرِ عِبَادِ اللهِ كُلِّهِمِ.....هَذَا التَّقِيُّ النَّقِيُّ الطَّاهِرُ العَلَمُ
إِذَا رَأَتْهُ قُرَيْشٌ قَالَ قَائِلُهَا.....إِلَى مَكَارِمِ هَذَا يَنْتَهِي الكَرَمُ
يَكَادُ يُمْسِكُهُ عِرْفَانُ رَاحَتِهِ.....رُكْنَ الحَطِيْمِ إِذَا مَا جَاءَ يَسْتَلِمُ
يُغْضِي حَيَاءً، وَيُغْضَى مِنْ.....مَهَابَتِهِ فَمَا يُكَلَّمُ إِلاَّ حِيْنَ يَبْتَسِمُ
هَذَا ابْنُ فَاطِمَة إِنْ كُنْتَ جَاهِلَهُ.....بِجَـدِّهِ أَنْبِيَاءُ اللهِ قَدْ خُتِمُــــوا
فَأَمَرَ هِشَامٌ بِحَبْسِ الفَرَزْدَقِ، فَحُبِسَ.
قَــالُـــواْ عَــنْـــهُ:
- قَالَ عَنْه سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ: مَا رَأَيْتُ أَوْرَعَ مِنْهُ.
- وقَالَ الزُهْرِيُّ: مَا رَأَيْتُ قُرَشِياً أَفَضْلَ مِنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، ومَا رَأَيْتُ أَحَداً كَانَ أَفْقَهَ مِنْه.
- وقَالَ أَبُو حَازِمٍ المَدَنِيُّ: مَا رَأَيْتُ هَاشِمِيّاً أَفْقَهَ مِنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ.
- وقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: مَا رَأَيْتُ فِيهِمْ مِثْلَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَطُّ.
- وقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ: كَانَ أَفْضَلَ هَاشِمِيٍّ أَدْرَكْتُهُ.
- وقَالَ مَالِكٌ: لَمْ يَكُنْ فِي أَهْلِ البَيْتِ مِثْلُهُ.
- وقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، مَأْمُونًا، كَثِيرَ الحَدِيثِ، عَالِيًا، رَفِيعًا، وَرِعًا.
- وقَالَ الذَّهَبِيُّ: السَّيِّدُ، الإِمَامُ.
- وقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ثِقَةٌ، ثبتٌ.
مِـنْ أَقـوَالِـــــهِ:
- قَالَ: مَنْ قَنَعَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ فَهُوَ أَغْنَى النَّاس.
- وقَالَ: صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ.
- وقَالَ: فَقْدُ الأَحِبَّةِ غُرْبَة.
- وقَالَ: مَنْ ضَحِكَ ضِحْكَةً مَجَّ مَجَّةَ عِلْمٍ.
- وقَالَ: إِنَّ الْجَسَدَ إِذَا لَمْ يَمْرَضْ أَشِرَ، ولَا خَيْرَ فِي جَسَدٍ يَأْشِرُ.
- وقَالَ: يَا أَهْلَ العِرَاقِ، أَحِبُّوْنَا حُبَّ الإِسْلاَمِ، ولاَ تُحِبُّوْنَا حُبَّ الأَصْنَامِ، فَمَا زَالَ بِنَا حُبُّكُم حَتَّى صَارَ عَلَيْنَا شَيْناً.
- وقَالَ الزُّهْرِيُّ: سَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ الحُسَيْنِ عَنِ القُرْآنِ، فَقَالَ: كِتَابُ اللَّهِ وكَلامُهُ.
- وقَالَ أَبُو حَازِمٍ المَدَنِيُّ: سَأَلَ رجلٌ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ: مَا كَانَ مَنْزِلَةُ أَبِي بَكْرٍ وعُمَرَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: كَمَنْزِلَتِهِمَا السَّاعَةَ، وأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْقَبْرِ.
ومِـنْ دُعَـائِـــــهِ:
- "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوْذُ بِكَ أَنْ تُحَسِّنَ فِي لَوَائِحِ العُيُوْنِ عَلاَنِيَتِي، وتُقَبِّحَ فِي خَفِيَّاتِ العُيُوْنِ سَرِيْرَتِي، اللَّهُمَّ كَمَا أَسَأْتُ وأَحْسَنْتَ إِلَيَّ، فَإِذَا عُدْتُ، فَعُدْ عَلَيَّ".
- "اللَّهُمَّ لاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي، فَأَعْجَزُ عَنْهَا، ولاَ تَكِلْنِي إِلَى المَخْلُوْقِيْنَ، فَيُضَيِّعُوْنِي".
وَفَـاتُـــــهُ: تُوُفِيَّ زَيْنُ العَابِدِينَ سَنَةَ أَربَعٍ وتِسْعِينَ (94 هـ)؛ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.