(2) مَـسْـــرُوْقُ الــوَادِعِـــــيُّ :
هُـــــوَ: مَسْرُوْقُ بنُ الأَجْدَعِ بنِ مَالِكِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُرِّ بنِ سَلْمَانَ بنِ مَعْمَرٍ، أَبُو عَائِشَةَ الوَادِعِيُّ، الهَمْدَانِيُّ، الكُوْفِيُّ. الإِمَامُ، الفَقِيه، مِن كِبَارِ التَّابِعِيْنَ، ومِن المُخَضْرَمِيْنَ الَّذِيْنَ أَسْلَمُوا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولَم يَلْقُوه، وصَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيق ولَقِيَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، وكَانَ مِن أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُود الَّذِيْنَ يُقْرِئُوْنَ ويُفْتُوْنَ.
وكَانَ مِن العُبَّاد، يُصَلِّي حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ، وكَانَ مِن المُجاَهِدِين، شَهٍدَ القَادِسِيَّةِ وشُلَّتْ يَدُهُ يَوْمَئِذ، وكَانَ لاَ يَأْخُذُ عَلَى القَضَاءِ أَجْراً ويَقرَأُ هَذِهِ الآيَـةَ: ((إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ)). [التَّوْبَةُ: 111]
وسَبَب تَسْمِيَتُهُ بِمَسْرُوْق: لِأنَّه كَانَ قَد سُرِقَ وهُوَ صَغِيْرٌ ثُمَّ وُجِدَ، فَسُمِّيَ بِذَلِك!!
شَهِدَ مَسْرُوْقُ صِفِّيْنَ، فَوَعَظَ، وخَوَّفَ، ولَمْ يُقَاتِلْ، فَكَانَ إِذَا قِيْلَ لَهُ: أَبْطَأْتَ عَنْ عَلِيٍّ وعَنْ مَشَاهِدِهِ؟!
فَيَقُوْلُ: "أَرَأَيْتُم لَوْ أَنَّهُ حِيْنَ صُفَّ بَعْضُكُم لِبَعْضٍ، فَنَزَلَ بَيْنَكُم مَلَكٌ فَقَالَ: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُم إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيْماً}. [النِّسَاءُ: 29]، أَكَانَ ذَلِكَ حَاجِزاً لَكُم؟"
قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: "فَوَاللهِ لَقَدْ نَزَلَ بِهَا مَلَكٌ كَرِيْمٌ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإِنَّهَا لَمُحْكَمَةٌ مَا نَسَخَهَا شَيْءٌ".
مِن أَقْــوَالِـــــهِ:
- قَالَ مَسْرُوْق: كَفَى بِالمَرْءِ عِلْماً أَنْ يَخْشَى اللهَ تَعَالَى، وكَفَى بِالمَرْءِ جَهْلاً أَنْ يُعْجَبَ بِعَمَلِهِ.
- وقَالَ: مَا بَقِيَ شَيْءٌ يُرْغَبُ فِيْهِ، إِلاَّ أَنْ نُعَفِّرَ وُجُوْهَنَا فِي التُّرَابِ، ومَا آسَى عَلَى شَيْءٍ إِلاَّ السُّجُوْدِ للهِ تَعَالَى.
- وقَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَعْلَمَ عِلْمَ الأَوَّلِيْنَ والآخِرِيْنَ، وعِلْمَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَلْيَقْرَأْ سُوْرَةَ الوَاقِعَةِ.
- وقَالَ: لأَنْ أُفْتِيَ يَوْماً بِعَدْلٍ وحَقٍّ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَغْزُوَ سَنَةً.
- قَالَ عَنْهُ الشَّعْبِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَطْلَبَ لِلعِلْمِ مِنْهُ؛ وكَانَ أَعْلَمَ بِالفَتْوَى مِن شُرَيْحٍ، وكَانَ شُرَيْحُ أَعْلَمَ بِالقَضَاءِ مِن مَسْرُوقٍ.
- وقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ؛ لاَ يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ.
- وقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، والعِجْلِيُّ، وابْنُ حِبَّان: ثِقَةٌ. زَادَ ابْنُ حِبَّان: مِن عُبَّادِ أَهْلِ الكُوفَةِ وقُرَّائِهِم.
- وقَالَ الذَّهَبِيُّ: إِمَامٌ، قُدْوَةٌ؛ أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
- وقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ثِقَةٌ.
وَفَـاتُـــــهُ: مَاتَ مَسْرُوْقٌ سَنَةَ ثَلاَثٍ وسِتِّيْنَ (63 ه)؛ رَحِمَه اللهُ تَعَالَى.