ـ طواغيت تُعبد من دون الله تعالى : ( 6- المشرع من دون الله 7-التشريع ذاته ) .
6- المشرع من دون الله :
يختلف المشرع عن الحاكم المنفذ، وهذا ما يسمونه في هذه الأيام بالسلطة التشريعية التي تلزم السلطة التنفيذية - وهم الحكام - بتنفيذ ما يصدر عنها من أحكام وتقريرات وتشريعات.
و قد يكون المشرع من دون الله شخصا، أو هيئة، أو جماعة، أو حزبا، أو مجلسا يضم مشرعين، أو أحبارا ورهبانا ومشايخ يكتسون الطابع الديني…و غير ذلك.
و على العموم فإننا نقول : كل من جعل خاصية التشريع - التحليل والتحريم، والتحسين والتقبيح - لنفسه من ندون الله، وأخذ يشرع للعباد ما يهواه ويراه، فهو طاغوت وقد جعل من نفسه ندا لله تعالى، يجب تكفيره والكفر به.
و قوله تعالى : يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به، يطاله ويشمله كطاغوت يعبد من جهة التحاكم إلى ما يشرع، ومن جهة طاعته والإقرار له بخاصية التشريع التي تعتبر من خصوصيات الله وحده، كما قال تعالى : و لا يشرك في حكمه أحدا.
فأيما مخلوق يعترف له بهذا الحق، ويتحاكم إلى ما يصدر عنه من أحكام وتشريعات، فقد أقر له بالإلهية والربوبية، واتخذه معبودا وندا لله تعالى في أخص خصائصه، وإن صلى وصام وزعم أنه من المسلمين. وقوله تعالى : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله، يطاله ويشمله.
7-التشريع ذاته :
كذلك فإن التشريع المضاهي لشرع الله تعالى فهو طاغوت، وهو مما يراد من قوله تعالى : يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت.
و قد تقدم معنا في التعريف للطاغوت، أن من أهل العلم من أدخل التشريعات المضاهية لشرع الله، والقوانين الوضعية وغيرها في مسمى الطاغوت، وأجرى عليها اسم الطاغوت وصفة الطغيان .
و مما يدخل في هذا النوع من الطاغوت الدساتير الوضعية التي صاغتها عقول البشر لتحكم البلاد والعباد، والجميع - كما يقولون عبدة الطاغوت - تحت الدستور، ينفذون ما جاء فيه، فالدستور يعلو الجميع ولا يُعلى عليه كما يقولون..!
و لشدة رهبة القوم من الدستور - التي تأتت بعد دعاية مكثفة قد قام بها الطاغوت - فإنهم يتصورون أن يخرجوا على كل شيء أو ينقدوا كل شيء سوى الدستور الطاغوت الذي خطه الطاغوت، فالدستور - عندهم - فوق التعقيب وفوق النقد والاعتراض، والويل كل الويل لمن تسول له نفسه إهانة الدستور والتطاول عليه..!!
و مما يدخل كذلك في هذا النوع من الطاغوت، الكتب التي تروج الكفر وتدعو له، وبخاصة منها تلك الكتب التي تحتوي على مبادئ ومناهج الأحزاب العلمانية الكافرة وغيرها، والتي تعتبر مراجع هامة - لا بد من الأخذ بها - عند أفراد الحزب ومن ينتمون إليه..!
فالكتاب الذي يتضمن الكفر والشرك، وثن منصوب ينتظر من فإن قيل : الطاغوت هو الذي يعبد من دون الله، فأين تكمن عبادة التشريع…؟
يقع في شباكه، فيأخذ بما فيه ويتبعه .
أقول : من الواضح أن عبادته تكمن من جهة التحاكم إليه وطاعته، والأخذ بنصوصه وأحكامه من غير تعقيب أو تقديم بشيء يدل على التعقيب والاعتراض، وغير ذلك من الأمور التي تدخل في معنى العبادة لغة وشرعا، والتي لا يجوز صرفها إلا لله تعالى.
المرجع : كتاب الطاغوت .
الشيخ : عبدالمنعم مصطفى حليمة .