: التكفير العام لا يستلزم بالضرورة تكفير المعين .
فالقول عن شيء بأنه كفر لا يستلزم بالضرورة أن يكون فاعل هذا الشيء كافراً؛ لقيام مانعٍ من موانع التكفير ـ المعتبرة شرعاً ـ بحقه التي تمنع من تكفيره، ومن لحوق الوعيد به.
وقولنا لا يستلزم بالضرورة؛ أي أحياناً يستلزم تكفيره بعينه وذلك عندما تتوفر بحقه شروط التكفير وتنتفي عنه موانعه .. فحينئذٍ لا بد من تكفيره بعينه نزولاً عند إرادة الشارع وحكمه.
قال ابن تيمية رحمه الله: حقيقة الأمر في ذلك أن القول قد يكون كفراً، فيطلق القول بتكفير صاحبه ويُقال من قال كذا فهو كافر، لكن الشخص المعين الذي قاله لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها ..
والأقوال التي يكفر قائلها قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق، وقد تكون عنده ولم تثبت عنده، أو لم يتمكن من فهمها، وقد يكون عرضت له شبهات يعذره الله بها، فمن كان من المؤمنين مجتهداً في طلب الحق وأخطأ، فإن الله يغفر له خطأه كائناً من كان، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية، هذا الذي عليه أصحاب النبي -صلى الله عليه و سلم - وجماهير أئمة الإسلام، وما قسموا المسائل إلى مسائل أصول يكفر بإنكارها، ومسائل فروع لا يكفر بإنكارها ..!
ولعن المطلق لا يستلزم بالضرورة لعن المعين الذي قام به ما يمنع لحوق اللعنة له، وكذلك التكفير المطلق والوعيد المطلق . ولهذا كان الوعيد المطلق في الكتاب والسنة مشروطاً بثبوت شروط وانتفاء موانع .
وكنت أبين لهم أنما نُقل لهم عن السلف والأئمة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا فهو أيضاً حق، لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين؛ من فعل كذا فله كذا، وهي بمنزلة قول من قال من السلف من قال كذا فهو كذا، ثم الشخص المعين يلتغي حكم الوعيد فيه: بتوبة، أو حسنات ماحية، أو مصائب مكفرة، أو شفاعة مقبولة .. ا- هـ.