القاعدة الأولي من قواعد التكفير :
"الكفرُ العامُّ لا يستلزمُ دائماً كُفرَ المُعَيَّن".
الشرح:
أي أن التكفير العام الوارد في النصوص الشرعية، لا يصح حمله دائماً على الأشخاص بأعيانهم ممن قد وقع في ذلك الكفر، لاحتمال وجود موانع التكفير بحقهم وانتفاء لوازمه.
فأن يقال: هذا القول كفر أو هذا الفعل كفر، أو من فعل كذا أو قال كذا فهو كافر؛ فهذا كله تكفيرٌ عام لا يستلزم دائماً أن يكون كل من قال هذا القول أو فعل ذلك الفعل هو كافر بعينه؛ لاحتمال وجود العلة الآنفة الذكر التي تُحيل من تكفيره بعينه، وهي انتفاء لوازم التكفير ووجود موانعه في حق ذلك الشخص المعين.
فقد صح عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" أتاني جبريل، فقال: يا محمد إن اللهعز وجل لعن الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومبتاعها، وساقيها، ومستقيها "[ ]. فهذا لعن عام.
وبالمقابل فقد جاء في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً كان على عهد النبي- صلى الله عليه وسلم - كان اسمه عبد الله، وكان يلقب حماراً، وكان يُضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان النبي- صلى الله عليه وسلم - قد جلده في الشراب، فأُتي به يوماً فأمر به فجُلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتَي به، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:" لا تلعنوه فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله".
فرغم أن شارب الخمر قد لُعن لعناً عاماً، إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - منع من إنزال هذا اللعن بحق الصحابي لوجود عِلة مانعة تمنع من لعنه بعينه؛ وهي أنه يحب الله ورسوله، علماً أن هذا الصحابي كان من المدمنين على شرب الخمر بدليل قول الرجل من القوم:" ما أكثر ما يُؤتى به".
وفي المقابل فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" مدمن الخمر كعابد وثن"[ ]. لكن هذا الحكم العام ـ عابد وثن ـ لا يجوز حمله على الصحابي لوجود حسنة عنده ترجح على تلك السيئة، وتمنع من لحوق الوعيد بحقه؛ وهي حسنة حبه لله ولرسوله، فإن الحسنات يذهبن السيئات.
وعن أبي هريرة، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أُتي برجل قد شرب، فقال:" اضربوه ". قال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه، فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - :" لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان " وفي رواية:" ولكن قولوا: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه "[ ].
فتأمل كيف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الدعاء عليه، وأمر بالدعاء له، علماً أن الحكم العام في شارب الخمر الدعاء عليه باللعن والطرد من رحمة الله.
وكذلك لما ظاهر حاطب بن أبي بلتعة كفار قريش على النبي- صلى الله عليه وسلم - ، وفعل الكفر ـ كما كنا قد بيناه من قبل ـ فمما تشفع له حسنة بدر العظيمة " لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم "، وهو إلى جانب أنه من أهل بدر، كان متأولاً في فعلته، صادق الباطن .. لم تُعرف عنه الخيانة من قبل .. كل ذلك كان شافعاً له ومانعاً من إنزال حكم الكفر أو النفاق في حقه.
وكذلك النفر ـ وعلى رأسهم قدامة بن مظعون ـ الذين أولوا قوله تعالى:لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتالمائدة:93. فشربوا الخمر، وقالوا: هي حلال، وكانوا في الشام، فأرسل عمر في طلبهم، واستشار فيهم الناس فقالوا: يا أمير المؤمنين نرى أنهم كذبوا على الله، وشرعوا في دينهم ما لم يأذن به الله، فاضرب أعناقهم، وعلي رضي الله عنه ساكت، فقال: ما تقول يا أبا الحسن فيهم ؟ قال: أرى أن تستتيبهم، فإن تابوا ضربتهم ثمانين لشربهم الخمر، وإن لم يتوبوا ضربت أعناقهم، قد كذبوا على الله وشرعوا في دينهم ما لم يأذن به الله. فاستتابهم فتابوا فضربهم ثمانين ثمانين. وقال عمر لقدامة: أخطأت استك الحفرة، أما إنك لو اتقيت، وعملت الصالحات لم تشرب الخمر[ ].
وذلك أن تحريم الخمر كان بعد موقعة أحد، فقال بعض الصحابة: فكيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر؟ فأنزل الله هذه الآية مبيناً أن من طعم الشيء قبل تحريمه ليس عليه شيء إذا ما اتقى وآمن وعمل صالحاً، إلا أن قدامة ومن معه، تأولوا الآية وحملوها على أنفسهم، وظنوا أن الآية تشملهم، فأحلوا لأنفسهم الخمر!
والشاهد هنا أنهم رغم استحلالهم للخمر وهو كفر، إلا أنهم لم يَكفُروا ولم يُكفَّروا بأعيانهم ـ قبل قيام الحجة عليهم ـ بسبب تأويلهم، وفهمهم الخاطئ لمراد الشارع من الآية.
وكذلك ما رواه ابن عباس من أن رجلاً أهدى لرسول الله- صلى الله عليه وسلم - راوية خمر!! فقال له النبي- صلى الله عليه وسلم - :" هل علمت أن الله عز وجل حرمها؟" فسارَّ ولم أفهم ما سار كما أردت، فسألت أناساً إلى جنبه، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم - :" بما ساررته؟ " قال:" أمرته أن يبيعها!! فقال النبي- صلى الله عليه وسلم - :" إن الذي حرم شربها، حرم بيعها " ففتح المزادتين حتى ذهب ما فيهما[ ].
فهذا الرجل مما لا شك فيه أنه كان يعتقد حل الخمر بعد تحريمها، وهو كفر، إلا أن النبي- صلى الله عليه وسلم - عذره ولم يكفره بعينه لعدم بلوغه الخطاب الشرعي يتحريم الخمر وتحريم بيعها.
وكذلك قصة الرجل الذي أسرف على نفسه بالمعاصي، كما في الحديث الصحيح الذي يرويه مسلم بسنده عن أبي هريرة، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال:" قال رجل لم يعمل حسنة قط لأهله، إذا ماتَ فحرِّقوه، ثم اذروا نصفه في البرِّ ونصفه في البحر، فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين، فلما مات الرجلُ فعلوا ما أمرهم، فأمر الله البرَّ فجمع ما فيه، وأمر البحر فجمع ما فيه، ثم قال: لمَ فعلت هذا؟ قال: من خشيتك يا رب وأنت أعلم، فغفر الله له ".
فرغم أن الرجل قد قال الكفر .. وقد أوصى أبناءه به إلا أنه لم يكفر بعينه ولم يطاله وعيد الكافرين؛ لوجود مانع الجهل بما يستحقه الله تعالى من الصفات، ولكونه فعل ذلك بدافع الخوف والخشية من الله تعالى .. فأقال الله تعالى ـ لأجل ذلك ـ عثرته، وعفا عنه.
قال ابن تيميه في الفتاوى 3/331: فهذا رجلٌ شك في قدرة الله وفي إعادته إذا ذرى، بل اعتقد أنه لا يُعاد، وهذا كفرٌ باتفاق المسلمين، لكن كان جاهلاً لا يعلم ذلك، وكان مؤمناً يخاف الله أن يعاقبه فغفر له بذلك ا- هـ.
وقال ابن حزم في الفصل 3/252: فهذا إنسان جهل إلى أن مات أن الله سبحانه و تعالى يقدر على جمع رماده وإحيائه، وقد غفر له لإقراره، وخوفه، وجهله ا- هـ.
وعن واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إلى حنين ونحن حديثو عهد بكفر، وكانوا أسلموا يوم فتح مكة، قال: فمررنا بشجرة فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، وكان للكفار سدرة يعكفون حولها، ويعلقون بها أسلحتهم، يدعونها ذات أنواط، فلما قلنا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" الله أكبر، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، قال: إنكم قوم تجهلون، لتركبن سنن من كان قبلكم "[ ].
فرغم أن مقولتهم كفر، وهي شبيهة بمقولة بني إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، إلا أنهم بأعيانهم لم يكفروا، وعذروا لحادثة عهدهم بالكفر، واكتفى النبي- صلى الله عليه وسلم - بتعليمهم وزجرهم من أن يعودوا ثانية لمثل هذه المقولة.
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب:" ونحن حدثاء عهد بكفر "؛ أي قريبو عهد بكفر، ففيه دليل أن غيرهم لا يجهل هذا، وأن المنتقل من الباطل الذي اعتاده قلبه لا يأمن أن يكون في قلبه بقية من تلك العادات الباطلة ا- هـ.
وقال الشيخ محمد حامد الفقي: ليس ما طلبوه من الشرك الأصغر، ولو كان منه لما جعله - صلى الله عليه وسلم - نظير قول بني إسرائيل اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً وأقسم على ذلك، بل هو من الشرك الأكبر كما أن ما طلبه بنو إسرائيل من الشرك الأكبر، وإنما لم يكفروا بطلبهم لأنهم حدثاء عهد بالإسلام، ولأنهم لم يفعلوا ما طلبوه ولم يقدموا عليه..[ ].
ونحو ذلك حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه وفيه أنه قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي عنقي صليب من ذهب، فقال لي:" يا عدي اطرح هذا الوثن من عنقك " فطرحته فلما انتهيت إليه وهو يقرأ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ حتى فرغ منها، قلت: إنا لسنا نعبدهم، فقال - صلى الله عليه وسلم -:" أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويُحلون ما حرم الله فتستحلونه "، قلت: بلى، قال:" فتلك عبادتهم "[ ].
مما يُستفاد من الحديث الأمور التالية:
1- أن عدي بن حاتم رضي الله عنه جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - مسلماً مقراً بالشهادتين؛ لأنه كان قبل ذلك مهدور الدم، وما عصم دمه إلا إسلامه.
2- أن عدياً كان قد تنصر، وكان حديث عهد بالكفر؛ أي أنه كان عاجزاً عن معرفة كل ما يدخل في التوحيد من أيامه الأولى.
3- بسبب ما تقدم نجد أن عدياً قد وقع بنوعين من الشرك الأكبر، كل واحد منهما يُخرج صاحبه من الملة لو اقترف بعد علم بالنص الشرعي الذي يفيد التحريم.
أولهما: ارتداؤه للصليب ـ بعد أن دخل في الإسلام ـ وهذا من الشرك الأكبر؛ لذا سماه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالوثن الذي يُعبد من دون الله سبحانه و تعالى .. ومع ذلك فقد اكتفى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن قال لعدي:" اطرح هذا الوثن من عنقك "، من دون أن يحكم عليه بعينه أنه كافر أو قد كفر وارتد، وعليه أن يدخل الإسلام من جديد بتلفظ الشهادتين ..!
ثانياً: إن عدياً كان يجهل أن طاعة الأحبار والرهبان في التحليل والتحريم من دون سلطان من الله يدخل في معنى العبادة التي لا يجوز أن يُصرف شيء منها لغير الله تعالى، وأنه من الشرك الأكبر .. إلى أن بين له النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأعلمه أن طاعة الأحبار والرهبان، والتحاكم إليهم من دون الله تعالى في التحليل والتحريم هو عبادة لهم وشرك بالله تعالى .. ومن دون أن يحكم عليه بالكفر والارتداد، أو يلزمه بضرورة تجديد إسلامه وإيمانه .. وذلك لأنه كان حديث عهد بكفر.
وكذلك الذي يتلفظ الكفر خطأ كزلّة وسبق لسان من غير قصد وإرادة منه[ ]، فرغم أن مقولته كفر، إلا أنه بعينه يعذر فلا يكفر؛ لتجاوز الشارع عن الخطأ الغير متعمد، كما في الحديث الذي أخرجه مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرضٍ فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرةً فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح ".
وكذلك فقد صح عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" إن الله تعالى تجاوز لي عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه "[ ].
ومن ذلك أيضاً قوله- صلى الله عليه وسلم - :" من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد"[ ].
وفي المقابل فقد صح أن معاوية بن الحكم السلمي قال: قلت يا رسول الله، إنا قومٌ حديثُ عهد بجاهلية، وقد جاءنا الله بالإسلام، ومنا رجالٌ يأتون الكهان، قال:" فلا تأتيهم "[ ]. فلم يحمل النبي- صلى الله عليه وسلم - عليه لحكم العام، الذي هو كفر من أتى كاهنا فصدقه بما يقول بل اكتفى بتعليمه ونهيه عن ذلك، وعذره لحداثة عهده بجاهلية وكفر.
ونحو ذلك سجود الصحابي للنبي - صلى الله عليه وسلم - ظناً منه أن ذلك يجوز أن يُصرف للنبي - صلى الله عليه وسلم - .. لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهاه عن ذلك، واكتفى بتعليمه بأن السجود عبادة لا يجوز أن يُصرف لغير الله تعالى .. ومن دون أن يحكم عليه بالكفر والارتداد عن الدين!
وكذلك قول الصحابي للرسول - صلى الله عليه وسلم -: ما شاء الله وشئت! فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" أجعلتني لله نداً بل ما شاء الله وحده ". فرغم أن المقولة كفر وشرك إلا أن الصحابي لعدم علمه أن هذه المقولةتندرج تحت الشرك .. كان معذوراً، ولم يكفر بعينه، ولم يُحمل عليه حكم الكفر والشرك.
وغيرها من الأدلة الكثيرة التي تدل على صحة القاعدة الآنفة الذكر؛ وهي أن الكفر العام، والتكفير العام لا يستلزم دائماً كفر أو تكفير المعين؛ لاحتمال ثبوت موانع التكفير ـ أو بعضها ـ في حقه والتي تمنع من تكفيره، أو لحوق الوعيد به .. والحمد لله الذي تتم بفضله الطيبات الصالحات.
ـ أقوال أهل العلم وإجماعهم على صحة هذه القاعدة:
قال ابن تيميه رحمه الله: حقيقة الأمر في ذلك أن القول قد يكون كفراً، فيطلق القول بتكفير صاحبه ويقال من قال كذا فهو كافر، لكن الشخص المعين الذي قاله لا يحكم بكفره، حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها ..
والأقوال التي يكفر قائلها قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفه الحق، وقد تكون عنده ولم تثبت عنده، أو لم يتمكن من فهمها، وقد يكون عرضت له شبهات يعذره الله بها، فمن كان من المؤمنين مجتهداً في طلب الحق وأخطأ، فإن الله يغفر له خطأه كائناً من كان، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية، هذا الذي عليه أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وجماهير أئمة الإسلام، وما قسموا المسائل إلى مسائل أصول يكفر بانكارها، ومسائل فروع لا يكفر بانكارها ..!
ولعن المطلق لا يستلزم لعن المعين الذي قام به ما يمنع لحوق اللعنة له، وكذلك التكفير المطلق والوعيد المطلق، ولهذا كان الوعيد المطلق في الكتاب والسنة مشروطاً بثبوت شروط وانتفاء موانع ..
وكنت أبين لهم أنما نقل لهم عن السلف والأئمة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا فهو أيضاً حق، لكن التفريق بين الإطلاق والتعيين، من فعل كذا فله كذا، وهي منزلة قول من قال من السلف من قال كذا فهو كذا، ثم الشخص المعين يلتغي حكم الوعيد فيه: بتوبة، أو حسناتٍ ماحية أو مصائب مكفرة، أو شفاعة مقبولة[ ]ا- هـ.
ـ استدراك وتنبيه:
قولنا أن التكفير العام لا يستلزم دائماً تكفير الشخص المعين؛ هذا يعني أنه أحياناً يستلزم حمل الكفر العام على الشخص المعين، ويستلزم تكفيره بعينه؛ وذلك عندما تنتفي عنه موانع التكفير، وتتوفر فيه شروطه، فإذا انتفت عنه الموانع وتحققت فيه الشروط، فحينئذٍ يتعين تكفيره بعينه ولا بد .. إذ أحكام الله تعالى لا يجوز أن تبقى معلقة ـ لا واقع لها ـ ومن دون أن تأخذ طريقها إلى مستحقيها ممن يقعون فيما يوجبها من غير مانعٍ شرعيٍ معتبر.
وهذا يستلزم منا أن نبين ـ بشيء من التفصيل ـ موانع تكفير المعين، وشروطه .. فإلى ذلك.
المرجع : قواعد في التكفير . (45-50) .
الشيخ ؛ عبدالمنعم مصطفى حليمة .