يؤسفني أن أقول أن كثيراً من طلاب العلم لا يُحسنون استغلال العلماء الذين يعيشون بجوارهم .. ولا التعامل معهم .. فمنهم من تمر عليه سنة لا يزور فيها عالماً .. علماً أنه ليس بينه بين العالم سوى دقائق معدودات سيراً على الأقدام .. بل ولا يتصل بعالم يسأله عن شيء من أمور العلم والدين .. رغم سهولة الاتصال!
بل إن من الطلاب لو رأى من شيخه سِنة أو نوم .. أو هفوة أو زلة .. أو فتوى لم تعجبه لطار بها في الأمصار .. وسرعان ما يُعلن عليه الحرب والعداء .. والمفاصلة .. والتشهير والمقاطعة .. مع حاجته الماسة إليه ..!
كما أن من الطلاب تجد عنده الكم الهائل من المسائل التي أشكل فهمها عليه .. ثم إن قدر له أن يجالس عالماً أو من هو أعلم منه .. فلا يبادره السؤال عن شيء .. ولشغَلَه بمواضيع ومسائل تافهة .. يقول العالم منها في نفسه .. ليته سكت!
وربما حمله الكبر على أن لا يسأل .. رغم حاجته لأن يسأل!
اعلم أيها الطالب أنك أنت الخاسر؛ لأنك أنت الذي تحتاج العالم وليس العكس .. فإن كان بجوارك اليوم فغداً سيودعك ويفارقك .. فتندم ولات حين مندم .. واعلم أن الله تعالى لا ينتزع العلم انتزاعاً وإنما يقبض العلم بقبض العلماء.
لذا تعين التنبيه إلى بعض ما يستحسن للطالب أن يفعله ويراعيه إن جالس شيخه أو عالماً من العلماء:
1- ننصح الطالب بأن يخصص دفتراً يسجل فيه الأسئلة والمسائل التي أشكل فهمها عليه من خلال القراءة والبحث .. ليقوم بعرضها على شيخه في أول فرصة يتم فيها اللقاء.
2- يعرض على شيخه الأسئلة بحسب أهميتها بالنسبة للطالب ..!
3- أن يكون الغرض من طرح الأسئلة الاسترشاد ومعرفة الحق .. وليحذر من أن يُشعر شيخه بأنه يسأل للجدال .. أو لمجرد الترف والتحصيل العلمي .. فهذا يقلل من نسبة إقبال شيخه عليه!
4- أن يُحسن الإقبال على شيخه .. فلا يعبث بأشياء تنم عن استخفافه بالمجلس .. وبشيخه!
كما يجب عليه أن يتأدب عند الخطاب وحصول المراجعة والاستفسار .. فإن ذلك مما يزيد من إقبال شيخه عليه .. ويجعل الشيخ أكثر صبراً ورغبة في الإقبال على تلميذه .. وأكثر عطاءً له[ ]!
التلميذ الناجح هو الذي ـ باسلوبه الذكي ـ يستطيع أن ينتزع من شيخه أكبر قدرٍ ممكن من الوقت والمعلومات .. والشيخ راغب وراضٍ بذلك .. وهذا الصنف من التلاميذ موجودون لا تخلو منهم الساحة .. ولله الحمد.
المرجع : مذكرة في طلب االعلم .
الشيخ : عبدالمنعم مصطفى حليمة .