شرعية النظام السياسي :
النظام السياسي يتكون من أمرين :
1- مجلس أهل الحل والعقد 2- مجلس أهل النظر والاجتهاد
ومشاركة الأمة مع الإمام تكون من خلال المجلسين :
1- مجلس أهل الحل والعقد
اولا : شرط الاعضاء :
فلكي يكون شخص ما من أهل الحل والعقد لابد أن يستوفى ثلاث شروط وهي :
1- والتمثيل والرضي :فلابد أن يكون موضع رضا الأمة وممثلا لها أو لبعضها
2– العدالة : أن يكون رجل عدل وليس مجروحا في عدالته
1- الكفاءة والقدرة : الكفاءة والقدرة على ما يناط به من أعمال
ثانيا : دور مجلس أهل الحل والعقد :
1 - العزل و الاختيار :
من حق أعضاء هذا المجلس تولية الإمام واختياره بمعني بيعته تتم بمشورة هذا المجلس قبل البيعة العامة كما قال سيدنا عمر " فلا يبايعن رجلا رجلاً آخر دون مشورة المسلمين تغرة أن يقتل هو ومن بايعه " وكذلك عزل الإمام في حالة عدم كفاءته أو خيانته للأمة بإجماع المجلس أو بأغلبيته.... الخ
2 – الحسبة :
هم قوام على الإمام بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وترشيد سياسته ومحاسبته هذا صواب وهذا خطأ وهم يقومون بمراقبة تصرفات الإمام في السياسات والأموال وتصريفها كذلك هم الذين يأطرونه على الحق أطراً يأخذون على يد الظالم ويأطرنه على الحق أطرا أي يجبروه على سلوك الصواب وليس مجرد الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يحملوه على الحق حملاً وهذا تفسير حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (لتأطرنه على الحق أطرا) أي يحملونه على الحق حملا ً
3 - الشورى :
شورا هم ملزمة للإمام كما قال صلى الله عليه وسلم " لا حتى استأمر السعود " والشورى في السياسة العامة مثل سياسة السلم والحرب ومصالح المسلمين الدنيوية من اختصاص أهل الحل والعقد وليست في الأمور التفصيلية وليست في موضع النصوص ولا الأمور الشخصية
2 - مجلس أهل النظر و الاجتهاد :
تعريفه : يتكون هذا المجلس من خواص العلماء وهم أهل النظر والاجتهاد وهم الذين يفهمون النصوص على وجهها الصحيح ويطبقونها ويعرفون الصواب من الخطأ وكل واحد من أعضاء هذا المجلس بلا استثناء مستوفى لشروط الاجتهاد أي عالم بدرجة مجتهد . كذلك إذا كان الإمام على درجة مجتهد يدخل في هذا المجلس وإن لم يكن مجتهد لا يدخل معهم فكل أعضاء هذا المجلس مستوفون لشروط الاجتهاد والخلفاء لا يدخلون معهم إلا إذا كانوا مجتهدين ويأخذ الخليفة برأي المجلس والمجلس يأخذ برأي الأغلبية .
والمجلس يصدر رأى واحد وهو رأى الأغلبية أي جمهور المجلس أو جماعة أو أغلبية المجلس والإمام يلتزم بما قرره المجلس وما يصدر عنه من قرارات وليس له أن يمتنع عن قرارات المجلس ولا يفضل رأى على رأى لأن المجلس يصدر رأى واحد وهو رأى الأغلبية وهذا كان معروف تاريخياً بمجلس أهل النظر والاجتهاد أيام الدولة الأموية في الأندلس وغيرها وكان المجلس يمارس حقه كاملا مع الأئمة والولاة والخلفاء .
اولا : شروط مجلس أهل النظر والاجتهاد :
1 - الرضي والتمثيل 2 - العدل 3 - الكفاءة والقدرة والنجابة والشرف
ثانيا : دور مجلس أهل النظر والاجتهاد :
دورهم الاجتهاد والاستنباط واستخراج الأحكام الشرعية وتقنينها ووضعها في إطارها التشريعي الصحيح . فإذا كان عندنا نص من الكتاب والسنة فلا نحتاج لأحد ولكن إن لم يكن عندنا نص أو لم نفهم النص على وجهه الصحيح فمن يفهمه أعضاء هذا المجلس . هو مجلس أهل النظر والاجتهاد فأعضاء هذا المجلس هم الذين يفهمون النصوص على وجهها الصحيح ويعرفون الصواب من الخطأ ويجب على الإمام العمل برأي غالبيتهم التي ينتهي إليها المجلس
إذاً مجلس أهل الحل والعقد وأهل النظر والاجتهاد لهم النيابة عن الأمة في مشاركة الإمام السلطة وفى إدارة البلاد .
كيفية الاختيار وطبيعة العمل
هؤلاء أهل تمثيل وعدل وأهل الكفاءة والقدرة والنجابة والشرف ولكن اختيارهم حسب طبيعة كل زمان ومكان والمثال لنا هو رسول الله صلى الله علية وسلم فنحن نقول شورا هم ملزمة والأدلة على ذلك من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
3-شرح الادلة :
اولا : مجلس أهل الحل والعقد :
(1) قصة السعود :
أراد رسول الله صلى الله علية وسلم في غزوة الخندق من الأنصار أن يدفعوا ثلث ثمار المدينة لقبيلتي غطفان وأسد مقابل أن ينصرفوا عن حصار المدينة ويتركوا جيوش الأحزاب ولا يحاصروا المدينة وكتبوا لهم كتاب بذلك فسألوه [أي غطفان وأسد ] رسول الله صلى الله علية وسلم أن يمضى الكتاب أي قالوا أمضيه فقال لهم لا حتى أستأ مر السعود ولم يقل أستشيرهم.
وهنا أعظم معاني الشورى وأجل صورها حيث قال لهم حتى أستأ مر السعود والسعود هم (سعد ابن خيثمه – سعد بن الربيع – سعد بن معاذ – سعد بن عبادة – سعد بن مسعود ) لكن سعد بن الربيع كان قد استشهد في غزوة أحد فهم كانوا خمسة على رأس كل معشر من معاشر الأنصار سعد من السعود وهؤلاء ليسوا مثل النقباء والمعينين من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن هؤلاء أشراف قومهم فعندما يريد أقوامهم شيء هم الذين يذهبون لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويتكلمون نيابة عنهم وهم رؤوس أقوامهم ليس بالجبر والسلطة ولكن بالرضا والاختيار حيث لو تحدث غيرهم عند رسول الله أقوامهم يغضبون ولا يرضوا بذلك
(2) قوموا إلى سيدكم :
ومثال ذلك: الرسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين وكان يوزع الغنائم على المسلمين هم الذين قال لهم (قوموا إلى سيدكم ) فهو سعد بن معاذ الشاهد أن سعد بن معاذ مطاع وسيد في قومه
(3) قصة بريده :
عندما أراد رافع وهو العبد الذي أراد أن يتزوج من بريده وكانت ممتنعة عن الزواج منه وألح في طلبها ليتزوجها فأرسله لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: شافع أم آمر قال بل شافع وشفع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ترضى به زوجاً فقالت لا ورفضت الزواج من هذا العبد فقال لها هذا حقك فهذا الحديث وقصة السعود وقصة غزوه حنين تجعلنا نقول الشورى ملزمة للإمام .
ثانيا : مجلس أهل النظر والاجتهاد
(1)قصة عمر مع أهل بدر في الفتوى:
وهى أن أحدكم ليفتى في المسألة لو عرضت على عمر بن الخطاب لجمع لها أهل بدر فالمسألة التي تحتاج إلى اجتهاد يجمع لها القراء وكان أهل مجلسه شيوخاً ويستفتيهم في المسائل التي تعرض عليه فلا يفتى برأيه ولكن يجمع لها أهل بدر وهم شيوخ الأنصار والمهاجرين وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لديهم من علم أخذوه عن الرسول وهؤلاء هم أهل النظر والاجتهاد وهذا ما يمثل الشرعية وهي شرعية الأمة في المشاركة
إذن نستنتج أن الشورى ملزمة وهذا من خلال الأدلة السابقة في قصة السعود
لما عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على السعود تفل فيه سعد بن معاذ ومزقه لكن بعد أن سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاً وقال له أذلك أمر من السماء (أي وحى) أم أمراً تراه لنا فإذا كان وحيا من السماء فلك السمع والطاعة فيه وإذا كان رأيا تراه لنا فلا ولا (صريحة ) فهذا ليس خروج عن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال سعد بن معاذ كنا في منعة في الجاهلية ولا نعطيهم هذا والإسلام لا يزيدنا إلا عزاً ومنعة فلن نعطيهم منها شيء فوافق رسول الله فقالت غطفان وأسد كلمة سوء (غدرت يا محمد ) لأنهم يعلمون أنه المطاع في قومه وهو الشريف الذي لا ُيعصى وظنوا أن هذه معصية لرسول الله .
إذن مما مر : رسول الله صلى الله علية وسلم لا ُيعصى وطاعته واجبة (وأطيعوا الله ورسوله ) لكن يطاع فيما يبلغ عن ربه لكن في الأمر الذي يراه رسول الله صلى الله عليه وسلم أي يراه للمسلمين يرجعه إليهم إذا أرادوا أن ُيمضوه يمضوه وإذا أرادوا خلاف ذلك فلهم هذا كما قال لبريده . فقالت له أمر أم شافع قال بل شافع فقالت لا ولا صريحة من هنا :
نقول الشورى ملزمة وهذا ليس استشارة لأن الاستشارة غير ملزمة وفي الأمور الشخصية ولكن الشورى ملزمة وهذا بالنسبة لمجلس أهل الحل والعقد وبالنسبة لمجلس أهل النظر والاجتهاد والدليل عليها قصة عمر مع أهل بدر في الفتوى.
