مرحباً بكم أخي الكريم .
نفعكم الله بهذا المنتدى في الدارين .
لا تنسى ذكر الله !!!
مرحباً بكم أخي الكريم .
نفعكم الله بهذا المنتدى في الدارين .
لا تنسى ذكر الله !!!
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تفسير العبادة بالطاعة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابن القيم




عدد المساهمات : 52
تاريخ التسجيل : 11/07/2016

تفسير العبادة بالطاعة  Empty
مُساهمةموضوع: تفسير العبادة بالطاعة    تفسير العبادة بالطاعة  Emptyالإثنين أغسطس 08, 2016 5:54 am

تفسير العبادة بالطاعة :
اعلم أنه لا يُطاع لذاته إلا الله سبحانه وتعالى لأنه الإله المعبود المستحق لذلك، ولأنه تعالى لا يأمر إلا بالحق والعدل، وما سواه - أيا كانت صفته وهيئته - فإنه يُطاع لغيره - أي لله- لا لذاته، وأيما مخلوق يطاع لذاته فهو مألوه معبود، والمطيع له - على هذا الوجه - هو عبد له بكل ما تعني كلمة العبودية من معنى، وداخل في مسماها لغة واصطلاحا، ثم أي مخلوق يأمر بأن يطاع على هذا الوجه فاحذره وحذِّر منه، واعلم أنه طاغوت كبير يجب الكفر به.
و قولنا يطاع لذاته، أي يطاع لأن ذاته مستحقة للطاعة بغض النظر عن طبيعة الأوامر الصادرة عنه وصفتها، ومثل هذه الطاعة لو أعطيت لمخلوق فهي عين الشرك والكفر البواح، وإليك بعض الأدلة على ذلك :
قال تعالى :  ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين  ، عبادة الشيطان هنا بطاعته في معصية الله، زين لهم الشرك فأطاعوه، فتلك كانت عبادتهم إياه .
و كذلك قوله تعالى : إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سوّل لهم وأملى لهم. ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزَّل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم  .
و في قوله : إن الذين ارتدوا..، قال ابن كثير : أي فارقوا الإيمان ورجعوا إلى الكفر . وذلك كان بسبب قولهم للذين كرهوا شرع الله سنطيعكم في بعض الأمر، وإذا كان الأمر بهذا الحزم والخطورة فما يكون القول إذا فيمن يقولون للذين تجاوزوا مرحلة الكره إلى مرحلة المحاربة والعداوة الظاهرة لشرع الله عز وجل سنطيعكم في كل الأمر وكل ما تأمرون به، لا شك أنهم أولى في الكفر والارتداد والخروج من الدين.
و نحو ذلك قوله تعالى : و إن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون  .
أي إن أطعتموهم في استحلال أكل الميتة بعدما حرمها الله عليكم إنكم لمشركون مثلهم بعد أن كنتم مؤمنين .
و لا يسمى شيء شركا إلا إذا كان فيه نوع عبادة وتأليه للمخلوق، فحيثما يرد ذكر الشرك والكفر فاعلم أنه يوجد نوع عبادة وتأليه لغير الله عز وجل.
و نوع العبادة والتأليه للمخلوق هنا يكمن في طاعة المشركين في أخص خصيصة من خصوصيات الله عز وجل، ألا وهي خاصية التحليل والتحريم، والتحسين والتقبيح، كما قال تعالى : إن الحكم إلا لله  ، وقال : و لا يشرك في حكمه أحدا  .
فالذي يقول للمخلوق - أيا كانت صفته وهيئته ونوعه، كان شخصا أو نظاما أو مجلسا أو غير ذلك فلا فرق : أنت لك خاصية التشريع، والتحليل والتحريم، والتحسين والتقبيح، فما تقول عنه حسن فهو الحسن وما تقول عنه قبيح فهو القبيح، ولك الأمر من قبل ومن بعد، ولك علينا حق الطاعة في ذلك، فقد زعم له الألوهية التي زعمها فرعون لنفسه، وتحققت له عبوديته - وإن صلى وصام وقال إنني من المسلمين - وجعل منه ندا لله في أخص خصوصياته سبحانه وتعالى.
قال ابن حزم في الإحكام (1/93) : العبادة إنما هي الاتباع والانقياد مأخوذة من العبودية، وإنما يعبد المرء من ينقاد له ومن يتبع أمره، وأما من يعصي ويخالف فليس عابد له وهو كاذب في ادعائه أنه يعبده  |.هـ.
و مما يوضح ذلك أكثر قوله تعالى : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون  .
قال البغوي في التفسير ـ:  فإن قيل إنهم لم يعبدوا الأحبار والرهبان - بمعنى الركوع والسجود - قلنا : معناه أنهم أطاعوهم في معصية الله واستحلوا ما أحلوا وحرموا ما حرموا، فاتخذوهم كالأرباب.
و عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم  وفي عنقي صليب من ذهب  فقال لي : "يا عدي اطرح هذا الوثن من عنقك"، فطرحته فلما انتهيت إليه وهو يقرأ : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله، نحتى فرغ منها قلت : إنا لسنا نعبدهم، فقال : "أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتستحلونه"، قال : "فتلك عبادتهم" .
فتأمل كيف جعل النبي صلى الله عليه وسلم  طاعة الأحبار والرهبان في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله عبادة لهم، واتخاذهم أربابا من دون الله.
و لو أمروهم أن يصلوا ويصوموا لهم لما أطاعوهم ولربما رجموهم، لأن مثل هذه الشعائر عبادة ظاهرة لا تخفى على عوام الناس فضلا عن خاصتهم، ولكن جاؤوهم من جهة الطاعة والانقياد - و هذا أمر تخفى فيه صفة العبودية على كثير من الناس- فأطاعوهم وعبدوهم من دون الله من هذا الوجه، ومن غير حرج !
قال أبو البختري : أما إنهم لم يصلوا لهم، ولو أمروهم أن يعبدوهم من دون الله - بمعنى السجود والركوع - ما أطاعوهم، ولكن أمروهم فجعلوا حلال الله حرامه وحرامه حلاله فأطعوهم، فكانت تلك الربوبية . وتلك عبادتهم.
قال ابن تيمية : فمن جعل غير الرسول  تجب طاعته في كل ما يأمر به وينهى عنه، وإن خالف أمر الله ورسوله فقد جعله ندا، وربما صنع به كما تصنع النصارى بالمسيح، فهذا من الشرك الذي يدخل صاحبه في قوله تعالى : و من الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله  .
و قال ـ: فمن طلب أن يطاع دون الله فهذا حال فرعون ، ومن طلب أن يطاع مع الله فهذا يريد من الناس أن يتخذوا من دون الله أندادا يحبونه كحب الله. والله سبحانه أمر أن لا يعبد إلا إياه، وأن لا يكون الدين إلا له، وأن تكون الموالاة فيه والمعاداة فيه .
و رحم الله سيد قطب إذ يقول : عندما يدعي عبد من العبيد أن له على الناس حق الطاعة لذاته، وأن له فيهم حق التشريع لذاته، وأن له كذلك حق إقامة القيم والموازين لذاته، فهذا هو ادعاء الألوهية ولو لم يقل كما قال فرعون : أنا ربكم الأعلى، والإقرار به هو الشرك بالله أو الكفر به، وهو الفساد في الأرض أقبح الفساد…
إن الذي يملك حق التحريم والتحليل هو الله وحده، وليس ذلك لأحد من البشر، لا فرد ولا طبقة ولا أمة ولا الناس أجمعين، إلا بسلطان من الله وفق شريعة الله…
و التحليل والتحريم - أي الحظر والإباحة - هو الشريعة، هو الدين، فإذا كان الذي يحلل هو الله،  فالناس إذن في دين الله. وإن كان الذي يحرم أو يحلل أحد غير الله، فالناس إذن يدينون  لهذا الأحد، وهم إذن في دينه لا في دين الله، والمسألة على هذا الوضع هي مسألة الألوهية وخصائصها، وهي مسألة الدين ومفهومه، وهي مسألة الإيمان وحدوده، فلينظر المسلمون في أنحاء الأرض أين هم من هذا الأمر ؟ أين هم من هذا الدين ؟ وأين هم من الإسلام وإن كانوا ما يزالون يصرون على ادعائهم للإسلام !! .
لذلك نحد أن الإسلام قد رشد قضية الطاعة أيما ترشيد منعا للنفوس المريضة أن تستغلها فتتمادى في غيها وظلمها وطغيانها، فمنع من طاعة المخلوق - أي مخلوق - في معصية الخالق سبحانه  وتعالى، وجعل طاعته - فقط - في المعروف وبما فيه طاعة لله عز وجل، وإلا فلا سمع ولا طاعة أصلا.
كما في الحديث : "السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة" .
و في رواية : "لا طاعة لبشر في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف".
و قال صلى الله عليه وسلم  : "طاعة الإمام حق على المرء المسلم، ما لم يأمر بمعصية الله عز وجل، فإذا أمر بمعصية الله فلا طاعة له" .
و قال صلى الله عليه وسلم  : "سيلي أموركم بعدي رجال يطفئون السنة، ويعملون بالبدعة، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها، فقلت - وهو عبد الله بن مسعود- : يا رسول الله إن أدركتهم كيف أفعل ؟ قال : تسألني يا ابن أم عبد كيف تفعل ؟! لا طاعة لمن عصى الله" .
و قال : "من أمركم من الولاة بمعصية فلا تطيعوه" .
حتى الوالدين - على فضلهما وعظم حقهما على الولد - لا طاعة لهما إن أمرا ابنهما بمعصية الله عز وجل، كما قال تعالى : و إن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما  .

المرجع : كتاب الطاغوت  (14-22).
الشيخ   : عبدالمنعم مصطفي حليمة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير العبادة بالطاعة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير العبادة بالتحاكم.
» تفسير العبادة بمعنى الموالاة والمعاداة .
» ما معنى العبادة ؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: العلوم الشرعية :: العقيدة-
انتقل الى: